الشهادات 1981

شهادات من وعن مديوغوريه

في العدد الأخير من صحيفتنا ص. 24 وجّهنا رسالة خاصّة إلى قرّائنا ونرغب بتكرارها حرفيًا هنا: "أعزّائي القرّاء! في هذا العدد كنتم ربّما تتوقّعون مقالةً خاصّة عن الظواهر غير الاعتياديّة في رعيّة مديوغوريه في الهرسك. ولكنّنا سنترك ذلك الأمر للوقت، والصبر، والعناية الإلهيّة!"

لقد مضى الآن ثلاثة أشهر منذ حصول الظواهر غير الاعتياديّة في رعيّة مديوغوريه. وقد مضى ذلك الوقت تقريبًا منذ أصدرنا آخر عدد من صحيفتنا (ثلاثة أعداد في واحد). وقد مضى أيضًا وقت طويل بما فيه الكفاية لنتمكّن الآن من أن نقول شيئًا عن الأحداث غير الاعتياديّة التي تجري في مديوغوريه. لاسيّما وأنّ هذه الظواهر قد تكرّرت بشكل منهجيّ يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، ولم تجذب مئات الألوف من المؤمنين فحسب بل جذبت أيضًا فضول المارّة في مديوغوريه. وبالتحديد يوجد ستّة أولاد من مديوغوريه ما زالوا يشهدون بثبات على الظهورات اليوميّة لسيّدتنا العذراء. إنّ جموع المؤمنين من جميع أنحاء المنطقة تقريبًا (وأيضًا من الخارج) تقبل هذه الشهادات أكثر فأكثر. بالإضافة إلى ذلك، قد ظهر شهود مع إدّعاءات بحصول شفاءات عجائبيّة. ويعزون هذه الشفاءات إلى شفاعة والدة الله بعد أن صلّوا إليها بحرارة وآمنوا بها.
ولكن على الرغم من كلّ ذلك، لن نتحدّث هنا عن الظهورات أو الشفاءات العجائبيّة. سنترك هذا الأمر أيضًا للوقت، والصبر، والعناية الإلهيّة". عوضًا عن ذلك سنقول هنا شيئًا صغيرًا عن بعض الظواهر والشهادات الواضحة والجليّة للجميع.
في بادئ الأمر، منذ بدء الظواهر الغريبة في مديوغوريه وحتّى اليوم، تصلّي جموع المؤمنين بتقوى عميقة، وهذه التقوى التي نادرًا ما نصادفها تظهر جليّة خلال القداديس الإلهيّة لجميع من يقصد كنيسة الرعيّة في مديوغوريه بهدف الزيارة. كما أنّه من الواضح أيضًا بأنّ الرجال والنساء، الشيوخ والشبّان، وحتّى الأطفال يبقون في حال صلاة عميقة لفترات طويلة من الوقت بشكل غير اعتيادي. بالإضافة إلى ذلك، فهم يتوجّهون إلى الاعتراف بأعداد كبيرة. بين التائبين ليس من النادر أن نجد من يقرّون علنًا بأنّهم لم يعترفوا منذ عدّة عقود. يقولون بأنّ شيئًا ما اجتذبهم ليقوموا بالاعتراف في مديوغوريه وبأنّهم يشعرون بإعادة تجدّد إيمانهم بعد ذلك.
كما أنّه يظهر جليًّا بأنّ رحلات الحجّ التقيّة تتوافد بشكل لا نهاية له إلى مديوغوريه. وليس من مناطق قريبة فحسب بل أيضًا من أبعد المناطق في البلد، وليس من الكاثوليك فقط بل مؤمنين من أديان أخرى. ومن بين مجموعات الحجّ التي لا تُعدّ ولا تحصى يوجد عدد ليس بقليل من الحجّاج الذين يأتون سيرًاعلى الأقدام ويتطلّب الأمر منهم أحيانًا عدّة أيّام للوصول إلى مديوغوريه. وفي أغلب الأحيان، نجد بينهم من يمشون حفاة. وثمّة حجّاج يأتون في كلّ يوم وكلّ ليلة ليحضروا قدّاس المساء الذي يُحتفل به مساءً (في أيّام الأسبوع والآحاد) عند السادسة مساءً. إنّ الكنيسة الفسيحة في مديوغوريه (من الكنائس الأكثر فساحةً في  الهرسك-البوسنة) تكاد تكون دائمًا صغيرة للغاية لاتّساع جمع المؤمنين.
الأمر الواضح أيضًا هو الصوم الذي تقبّله الكثير من المؤمنين من جميع الأعمار. الناس يصومون بشكل منتظم في أيّام الجمعة ولكن أيضًا في أيّام أخرى. ويصوم الناس كما لم يحصل منذ زمن طويل: لا يتناولون إلاّ الخبز والمياه. بالإضافة إلى كلّ هذا، نشهد الكثير من المصالحات بين الجيران المتخاصمين والعائلات والأفراد المتخاصمين.
في النهاية، إنّ الرسائل التي يدّعي الأولاد الشهود بأنّها رسائل السيّدة العذراء لا تنطلق من معتقدات من الإنجيل كما أنّها لا تخالف مضمونها. ويشدّد الشهود الصغار دائمًا على أنّ العذراء تلهم من خلالهم المؤمنين لكي يصلّوا بتقوى أكبر ويكون لديهم إيمان أكثر فعاليّة، والمزيد من السلام، والمصالحة، والارتداد، والغفران، وحمد الله. ويدّعي الأولاد بأنّ العذراء تلهم أيضًا مسؤولي الكنيسة ليكون لهم كلّ ذلك.
وفي النهاية، لا يستطيع المرء أن ينكر الشهادة حول لطف المؤمنين والكهنة في مديوغوريه وضيافتهم غير المعهودين. فالذين قصدوا مديوغوريه من مناطق بعيدة يخبرون عن ذلك بحماسة خاصّة. فمع مجيئهم من بعيد، وجدوا في مديوغوريه الانتعاش، وكلمة دافئة وبيتًا مضيافًا. ويشهد الكاثوليك وغير الكاثوليك على ذلك.

نازا أوغنيستيه، 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1981. دوفنو-توميسلافغراد، ص. 3.

مديغوريه – مكان هادئ للصلاة

ولم لا تقومون بزيارة قصيرة لرعيّة مديوغوريه وتنقلون من المكان انطباعاتكم إلى القرّاء حول ما ترونه وتتعلّمونه وتختبرونه هناك؟

لقد أغرقنا مؤمنون شديدو الجديّة والاقتناع لأسابيع وأشهر بهذا النوع من الأسئلة والتشجيعات. لذلك قرّرنا أخيرًا الذهاب. وفي بعد ظهر يومٍ مشرق انطلقنا باتجاه منطقة بروتنجو اللطيفة. وصلنا إلى مديوغوريه في مساء يوم معتدل ودافئ من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر. كانت قد أصبحت الساعة السادسة مساء وهو توقيت القداس المسائي اليوميّ في كنيسة الرعيّة. وقد ساد هدوء غامض على القرية ودندنت الصلاة المتناغمة في أرجاء الكنيسة. فبدأنا بالسير أسرع وإذ بنا وصلنا إلى أسفل القناطر في كنيسة مديوغوريه الرائعة. كان القداس الإلهي قد اقترب من نهايته وكان المؤمنون ساجدين على ركبهم. البعض منهم على المقاعد الخشبيّة والبعض الآخر على الأرض. وقد جابت أعيننا الفضوليّة كافّة أرجاء الكنيسة ومن بين الحاضرين لاحظنا وجود عدد كبير من الشبّان بينهم، أقوياء البنية مثل الجبال ونضرين مثل قطرات الندى.

انتهى القدّاس الإلهي ولكن لم يغادر أحد الكنيسة. بل على العكس، بقي الجميع ساجدين على ركبهم. ثم بدأت صلاة مؤلّفة من سبعة "أبانا" مع الورديّة. وقاد جميع هذه الصلوات الأولاد – الشهود. هنا كان يوجد اثنين منهم فقط. فيتسكا، الكبرى، وياكوف، الأصغر. بينما كان الباقون في المدرسة خارج مديوغوريه. ولكن في أيّام السبت والأحد ينضمّون دائمًا تقريبًا إلى فيتكا وياكوف. الصلاة واضحة ومتميّزة. وللحظة تبدو وكأنّها خرير مياه جدول جبليّ نقيّ. انضممنا إليهم في الصلاة وأعيننا ما زالت شاخصة إلى كلّ ما حولنا في الكنيسة. وفجأةً لاحظنا مجموعة كبيرة من الصبيان والبنات مع حقائب مدرسيّة في أيديهم يدخلون إلى الكنيسة. وما إن دخلوا ركعوا وانضمّوا إلى صلاة المجموعة. وفي وقت لاحق قالوا لنا أنّ هذه نقطة توقّف لهم لا بدّ منها كلّ مساء. من المدرسة مباشرةً إلى الكنيسة وبعدها فقط يذهبون إلى المنزل. ويفعلون ذلك بسرور من دون تشجيع من أحد.

تدوم صلاة مسبحة الورديّة لوقت طويل ولكن لا ترمش عين أيّ أحد في الكنيسة. وقد انذهلنا على وجه الخصوص لرؤية تقوى الشبّان المسيحيّين. ربما لأنّنا لم نصادف يومًا مثل هؤلاء الشبّان التائبين في كنائسنا‍!

وبعد تلاوة الورديّة، غادر قسمٌ من المؤمنين الكنيسة وبقي قسم أصغر منهم للصلاة الأخيرة من أجل المرضى. أوّل من التقينا بهم في باحة الكنيسة كانوا الشبّان الذين أذهلونا في الكنيسة بتقواهم الطبيعيّة. ومن دون أن نطرح عليهم أيّ سؤال بدأوا فورًا بفتح قلوبهم لنا وهي تفيض حبًا لمريم، أمّ الجميع. وهم أتوا من أجزاء مختلفة من الهرسك. وقد تحدّثنا بشكل خاصّ مع أولئك القادمين من موستار والمحيط القريب. وقالوا أنّهم غالبًا ما يأتون إلى مديوغوريه ويجذبهم إليها جوّ الصلاة الفريد من نوعه. وفي طريق العودة ترافقهم راحة البال التي يعيشونها لأيّام. وقالوا لنا أنّهم مثل كثيرين من الشباب الذين يعرفونهم يلزمون بصوم صارم كلّ يوم جمعة تقريبًا. ويقومون بذلك بسرور وبحماس.

ما إن ودّعنا الشبّان، اتّجهت نحونا على الفور مجموعة من الفتيات والشابّات. البعض منهنّ كنّ من مديوغوريه والبعض من سيتلوك القريبة والبعض الآخر من أماكن أبعد. لم يكن لدينا الوقت لنطرح عليهم أيّ سؤال لأنّهنّ سبقننا وعبّرن عن حماسة إيمانهنّ. ومثل الشبّان، تحدّثت الشابات عن الصلاة التي تسندهنّ وتلهمهنّ، وعن الطمأنينة الروحيّة والفرح الداخليّ. وتخبر فتاة عادت مؤخرًا من ألمانيا بحماس بأنّه أصبح بإمكانها منذ زمن ليس ببعيد أن تصلّي حتّى لساعات بوعي ذهنيّ كامل وبأنّها تذوّقت الطعم الروحيّ الحقيقيّ للصلاة.

وقد تلاها المزيد من اللقاءات الأخرى أمام الكنيسة في نهاية المساء. مع نقل الأخبار ذاتها والحماسة نفسها تقريبَا.
وفي كلّ هذا، ثمّة أمر واحد مثير للاهتمام: يتحدّث المؤمنون عن رؤى الأولاد وشفاءات المرضى بشكل أقلّ بكثير من المتوقّع (مع أنّهم يؤمنون بكلّ ذلك بثبات). وعلى العكس، يتحدّثون أكثر عن تحوّلهم الذاتي وعن المصالحة والغفران وعن كلّ ما ذكرناه قبلاً. وهكذا، شيئًا فشيئًا، عاد المؤمنون إلى منازلهم وهم يرنّمون تراتيل تمجيد مريميّة من بينها تلك الأكثر مسموعة "Marijo, o Marijo" and "O mila Majko nebeska."

مع هذا انتقلنا إلى بيت الرعيّة لنتحدّث قليلاً مع الولدين الشاهدين. وقد قبل الولدين فيتسكا وياكوف الصغير ذلك برحابة صدر. ومنذ بداية الحديث، تكوّن لدينا انطباع بأنّ هذين الولدين ذكيين للغاية ومنفتحين للغاية وفوق كلّ شيء طبيعيّين للغاية. تتحدّث فيتسكا بطريقة حيويّة وواثقة بشكل غير اعتياديّ ولكنهالا تفرض نفسها بأيّ شكل من الأشكال. وتحسن دائمًا التمييز بوضوح بين ما تقتنع به بالكامل أو ما يمكن أن يكون تمّ استنتاجه بشكل غير مباشر أو ما قد تمّ تخمينه. وهي تجيب على الأسئلة بسرعة وبذكاء وبإيجاز (وأحيانًا بطريقة مثيرة!). وعندما لا يكون لديها جواب، تقول ببساطة ووضوح: لا أعلم! وهي لا تشعر بالغرور حيال أنّها أصبحت مركز الاهتمام بطريقة ما ولا عن أنّها تتلقّى يوميًا عدّة رسائل من المؤمنين في الوطن وفي الخارج. وأكثر من ذلك، لا تقول عن نفسها أنّها فتاة صالحة أو كاملة. تقول ببساطة بأنّها تحاول بصدق أن تكون أفضل وأكثر نزاهةً: بصفتها انسانة وبصفتها مؤمنة على حدّ سواء.

أمّا ياكوف الصغير فيتصرّف بحسب عمره. وخلال حديثنا مع فيتسكا، تمامًا كما الولد الصغير، كان يلعب بكتب الرعيّة وبمجموعة من الأقلام، وينقر على آلة كاتبة، ويهرول ذهابًا وإيابًا، ويجلس لدقيقة واحدة، من ثمّ يتابع اللعب من جديد. ولكنّ الأمر المثير للدهشة أنّنا طرحنا عليه بعض الأسئلة الجديّة فأصبح جادًا على الفور وترك الألعاب وأجاب بكلّ جديّة على السؤال الذي طرحناه.

كان حديثنا مع الولدين وديًا ومباشرًا وبروح طيّبة وأحيانًا كنّا نمزح معهما قليلاً. وفي وقت معيّن، جذبنا انتباه فيتسكا إلى واقع أنّ بعض الناس لا يأخذون مسألة الظهورات التي يشهدها الأولاد على محمل الجدّ مع أنّهم مؤمنون جادّون وبعضهم من مسؤولي الكنيسة. ولكن هذا الأمر لم يحزن فيتسكا البتّة بل أجابت بهدوء بأنّه ليس على أحد أن يصدّق الرؤى إن لم يستطع ذلك أو إن كان يفكّر بطريقة أخرى. من ثمّ بدأت تخبرنا كيف هي نفسها لم تكن مقتنعةً بالكامل بعد الظهور الأوّل. وأنّها لم ترد أن تقول أو تقرّ بشيء لأيّ كان إلى أن تكون قد أصبحت على يقين مئة في المئة بأنّها ترى العذراء وتتحدّث معها. وتتحدّث فيتسكا عن محادثاتها مع العذراء بطريقة طبيعيّة كما لو أنّها تتحدث عن حديث أجرته مع والدتها منذ بعض الوقت. من هذه المحادثات مع العذراء، كانت تشدّد بشكل خاصّ على الرسائل التي تشير إلى الصلاة والتوبة، والإيمان والإخلاص لله، والسلام والمصالحة بين المتخاصمين، والنزاهة والانسانيّة، والمحبّة والصلاح. إذًا كان الأمر شبيهًا بما ذكره لنا المؤمنون في وقت سابق أمام الكنيسة كما أنّه يتناغم بشكل كامل مع قلب المؤمن الحقيقي وإطار عمله. وبعد الحديث مع الولدين، تحدّثنا قليلاً مع الرهبان الفرانسيسكان المحليّين – الكهنة الرعويّين. وعلى الفور، ومن ضمن انطباعاتهم الأولى والأقوى عن مؤمني مديوغوريه وحجّاج مديوغوريه، شدّدوا بالإجماع على كثير ممّا سبق وسمعناه أمام الكنيسة: إنّ التعمّق في التكرّس وفي الصلاة، وتلقّي الأسرار المقدّسة بشكل متكرّر وبتوبة هي وقائع لا شكّ فيها حول مديوغوريه. ومن جهة أخرى، إنّ الفرح الداخلي والهدوء خير شاهد لا شكّ فيه على أنّ المؤمنين يظهرون ويتواصلون بطرق متنوّعة في أغلب الأحيان. ويعطينا الأب توميسلاف أحدث مثالين على ذلك. يشير الأوّل إلى مؤمن أرثوذكسي أتى في رحلة حجّ إلى مديوغوريه في حلول نهاية فصل الصيف هذا. قبل عدّة أيّام من وصولنا إلى مديوغوريه، اتصل بمكتب رعيّة مديوغوريه. أولاً ذكر أنّ نظره (كان تقريبًا أعمى بالكامل) لم يتحسّن حتّى بعد حجّه إلى مديوغوريه، ولكنّه أضاف فورًا وبحماس بأنّه الآن يشعر بالسلام والفرح في قلبه ويعتبر أنّ هذا أغلى على قلبه من النظر لعينيه. وتمّ نقل شهادة مماثلة من سيّدة كاثوليكيّة من بلدنا وتعمل في السويد. بعد حجّها إلى مديوغوريه تحرّرت بالكامل من قلقها الروحيّ غير المحتمل وهي الآن سعيدة بشكل لا يُقاس وشديدة الامتنان لله ولوالدة الله.

بالإضافة إلى ذلك، نجد عددًا لا بأس به من المؤمنين الأرثوذكسيين والمسلمين الذين أتوا في رحلة حجّ إلى مديوغوريه خلال الأشهر العديدة الماضية وبحسب اعترافاتهم الخطيّة والمحكيّة اختبروا فيها ذكريات لا تُنتسى. لذلك تأثّر بعض المؤمنون الأرثوذكسيون إلى حدّ البكاء عندما تحدّث إليهم كاهن من مديوغوريه بترحيب حارّ حول أبانا في السماوات المشترك وأمّنا العذراء المشتركة، اللذان يحبّاننا المحبّة ذاتها بغضّ النظر عن اختلاف معيّن في الاعتراف بالإيمان. وقد تأثّر آخرون بسبب الاهتمام وحسن الضيافة لدى المؤمنين المحليّين الذين استقبلوهم في بيوتهم كما لو كانوا أشقاءهم وشقيقاتهم. وبدورهم المؤمنون المحليّون والكهنة تأثّروا بالإيمان العميق ومحبّة الله لدى أولئك الذين ينتمون إلى طوائف أخرى. وقد ذُهلوا بالتحديد لإيمان وتوبة مجموعة من الأرثوذكسيّين من روما الذين أتوا من مسافة [الجسر قرب مركز البريد على جدول لوكو] على ركبهم كلّ الطريق لغاية مدخل كنيسة مديوغوريه. وقال لنا الأب توميسلاف بأنّه لم يرَ يومًا مثل هذه المقاربة الجليلة إلى الصليب التي أظهرها هؤلاء الأشخاص من روما في إحدى المناسبات عندما اقتربوا من الصليب وقبّلوه بحسب أعمارهم. وقد أتى المؤمنون الأرثوذكسيون إلى مديوغوريه من أماكن بعيدة جدًا. على سبيل المثال من يسكوفاتش، زاييتشار، شاباتس، سميديريفو، بلغراد [مدن في صربيا الوسطى] وسوبوتيكا. وكان يوجد أيضًا حجّاج مسلمون من أماكن بعيدة جدًا. على سبيل المثال أتت مجموعة من زغرب.

وقد بقيت كلّ من هاتين المجموعتين في حالة صلاة مطوّلة وتابعت طقوس القدّاس الإلهي بسلوك نموذجيّ. ويأتي الحجّاج الكاثوليكيون من كلّ منطقة في البلد تقريبًا وحتّى من خارج البلاد. حاولنا الحصول على بعض الأعداد ولكن الرهبان الفرانسيسكان المحليّون لا يريدون تقديم أيّ بيانات غير أكيدة. من حزيران/يونيو إلى تشرين الأوّل/أكتوبر ١٩٨١ حصل في مديوغوريه ١٥٠٠٠٠ اعتراف و٢٠٠٠٠٠ مناولة وأتى مليون من الحجّاج، أكثر قليلاً أو أقلّ – من المستحيل التأكّد من العدد الصحيح. بالتأكيد كان الجمع كبيرًا. أهمّ شيء هو أنّ غالبيّة ذلك الجمع أسرع إلى مديوغوريه على أجنحة الإيمان والتقوى الصادقة. سيكون هذا هو الجواب الكامل على أسئلتنا حول الأعداد.
من ثمّ انتقلنا من جديد إلى ما هو أهمّ وخلاصيّ أكثر من الإحصائيات العاديّة الناشفة. يشدّد الكهنة الرعويّون على أنّ الأمر المهمّ والذي يحمل معنى هو أنّ المؤمنون المحليّون والحجّاج يبدأون بالنظر إلى أعماقهم وإلى روحهم لكي يروا فيها ما يمكن رؤيته بوضوح في الكتاب المقدّس. من هنا يأتي تزايد الطلب المتكرّر لاعترافات أعمق وطلب الحصول على محادثة روحيّة ومشورة – ممّا يؤدّي إلى تنشيط كامل للإيمان والحياة. وربّما من هنا أيضًا تأتي محفّزات المصالحة المتبادلة، بما فيها المعلومة التي قدّمها الأب توميسلاف أنّه مؤخرًا في أحد أيام السبت ناول لوقت طويل جدًا فقط راشدين تتراوح أعمارهم بين ال٢٠ وال٢٥ سنة. يحضر قدّاسات المساء في يوميّ السبت والأحد عدد أكبر بكثير منه في القدّاسات المسائيّة في أيّام الأسبوع – الأمر الذي يمكن فهمه. لذا في مساء أحد أيام الآحاد من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، وبحسب تقديرات مراقبين حرصين، كان عدد المؤمنين في الباحة حول الكنيسة ضعفيّ العدد الموجود في داخل الكنيسة الممتلئة!

وأخيرًا، لتلخيص الوقائع والانطباعات كافّة، يصرّح كاهن شابّ من منطقة مجاورة بأنّه على مرّ الأشهر العدّة الماضية تحوّلت مديوغوريه إلى مكان هادئ للصلاة حيث يُمجّد الله بطريقة تكفيريّة وليس بمعنى الاحتفال. ويضيف الأب توميسلاف بأنّه في هذا الجوّ بكامله بدأت قيم روحيّة قديمة ومنسيّة بعض الشيء تعود إلى الحياة، مثل الصوم الصارم والصلاة المطوّلة من دون فقدان التركيز. (قال له أحد المؤمنين بأنّ المرّة الوحيدة التي سمع فيها عن الصوم الصارم أو تجفيف الجسد كانت من جدّته المتوفّاة منذ زمن طويل وأنّه الآن شاهدٌ على الكثير من الشبّان الذين اعتمدوا طريقة الصوم هذه طوعًا.

بالتأكيد في مديوغوريه سمعنا وشعرنا بأمور كثيرة جميلة وملهمة وتعليميّة. ويمكن تلخيص كلّ هذه الدروس والرسائل والشهادات في رغبة واحدة وتوقّع واحد: لترتقِ الإنسانية في كلّ إنسان، وليرتقِ الإيمان لدى كلّ إنسان-مؤمن. في أيّ حال هذا أمر جيّد، لأنّه عندما يصبح الانسان أكثر انسانيةً والمؤمن أكثر إيمانًا، تتمتّع عندها الحياة البشريّة بأكملها بمعنًى وفرح أكبر. وهذا ما نرغب به جميعنا بالتأكيد بغضّ النظر عن الدين والمعتقدات الشخصيّة. وهناك ما هو مماثل لهذا الأمر يشعّ في مديوغوريه. وبقلب مليء بالرجاء والصلاة بأن يتحقّق ذلك، غادرنا بيت الرعيّة في مديوغوريه. وكانت النجوم تتلألأ في السماء والسلام يسود مديوغوريه.

ب.ل.
نازا أوغنيستا، ٩ (٧٧)، تشرين الثاني/نوفمبر 1981، ص. 10-11.
[Our Hearths، مجلّة كاثوليكيّة شهريّة صادرة عن الرهبان الفرانسيسكان في الهرسك في توميسلافغراد (سابقًا دوفنو]

البياض والنور علامة على مديوغوريه

بعد أن حثّنا الكثير من الحجّاج في مديوغوريه، الذين زعموا على اقتناع بأنّهم شهدوا مؤخرًا على ظواهر غريبة وحيّة، قمنا من جديد بزيارة قصيرة إلى رعيّة مديوغوريه. كان ذلك في مساء يومٍ بارد في شهر كانون الأوّل/ديسمبر لكنّ برودة الطقس لم تمنع مكرّمو السيّدة العذراء من تخصيص ساعات المساء للصلاة في كنيسة رعيّة مديوغوريه. وبعد انتهاء الاحتفالات المسائيّة، استوقفنا أشخاص نعرفهم ولا نعرفهم. من مديوغوريه، ومن ليوبوسكي، ومن موستار، ومن بوسوسييه، والبعض من مسافات بعيدة جدًا. ليس من الصعب البدء بحديث عندما تكون "القلوب مملوءة ومفتوحة". لذا بدأناه. لكنّنا عبّرنا على الفور عن تحفّظنا المبهم تجاه الظواهر الغريبة التي دارت حولها الكثير من الأقاويل مؤخرًا. ومع ذلك، حافظ الشهود على تلك الظواهر على رباطة جأشهم ولم يفقدوا إيمانهم. وهم كثيرون. تحدّثنا مع مجموعات وأفراد، في مجموعات وعلى حدة. وقالوا كلّهم الشيء نفسه بشكل أساسيّ. الفرق الوحيد كان أنّهم لا يستعملون كلّهم الكلام نفسه والتعابير نفسها. لكنّ هذا الأمر يختلف بحسب الشخصيّة ومستوى التعليم.

شهادات عن ظواهر غير مألوفة

الشهود هم من يخبرون عن نوع الظواهر التي تتمّ دراستها. وهم من أعمار ومهن مختلفة. وقد استمعنا إليهم بانتباه ودونّا تصاريحهم. إليكم البعض منها:
قال لنا شابّ من مجموعة كبيرة جدًّا من الشبّان والفتيات من بيجاكوفياي، "في مساء يوم في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، بدلاً من الصليب الكبير، رأيت بياضًا جميلاً على تلّة كريزيفاك ووسط هذا البياض بدا لي ما يشبه هيئة العذراء على شكل تمثال." عندما أبدينا ملاحظة أنّه كان ربما شعاع الشمس، أجاب معظمهم أنّ هذا مستحيل إذ الشمس كانت غائبة تمامًا في ذلك الوقت. كما قالوا لنا أنّ هذه الظاهرة تكرّرت عدّة مرّات في يوم واحد. من ثمّ طلبت فتاة الكلام، ووصفت الظاهرة بكلماتها الخاصّة: "أولاً ترون الصليب كالمعتاد من ثمّ يختفي الصليب عن النظر ويظهر في البياض وجه امرأة." وبينما كانت الفتاة تصف ذلك، أضاف آخرون على كلامها بوصف تفاصيل دقيقة. وأكملت الفتاة وصفها قائلةً "في صباح ما، رأى ثلاثين شخصًا منّا هذه الظاهرة. كان يوجد رجل من زغرب مع زوجته وولده معنا. عندما رأوا تلك الظاهرة، اتّجهوا صوب الصليب على تلّة كريزيفاك. كنّا أمام المنزل وشاهدناهم من خلال المناظير إلى أن تواروا عن أنظارنا. وعندما ظهر البياض مجدّدًا، رأيناهم من جديد بوضوح يسيرون نحو الصليب تمامًا كما نراكم الآن. ولدى عودتهم عاد الأمر إلى حاله. كانوا يظهرون أو يتوارون عن أنظارنا، بحسب ظهور البياض."
قال الشباب أنّ أولئك الشهود الثلاثين كانوا من جميع الأعمار وقاموا بدعوتنا لنبقى ونشاهد ذلك أنفسنا لأنّ الظاهرة تتكرّر من وقت لآخر.

وقالت امرأة متوسّطة العمر من رعيّة إيرين مقاطعةً حديثنا، "رأيت ذلك أيضًا. رأيت وجه المرأة نفسها على هذه الجهة من الصليب. شاهدت الأمر لخمسة عشر دقيقة، والكثير ممّا جاءوا قبلي قالوا بأنّ الأمر دام لنصف ساعة. بدأتُ بمشاهدة الظاهرة عند الساعة الخامسة إلاّ خمس دقائق من بعد الظهر." كما ادّعت المرأة بأنّ حوالى خمسين شخصًا رأوا ذلك المشهد، وأضافت: "كان المطر يهطل وبدا كأنّه ما من مطر يتساقط علينا. كنّا نصلّي، ونفرح، ونبكي ابتهاجًا. كان هذا الأمر أكبر وأجمل ما رأيته في حياتي. لن أنسى ذلك يومًا ولا أريد الموت الآن."
هكذا قالت المرأة من إيرين. وتابع رجل أكبر حديثها زاعمًا أنّ لا أحد في بياكوفيشي لم يرَ تلك الظاهرة.

انضمّت مجموعة من الطلاّب إلى حديثنا وأخبروا كيف أوقفوا صفّ التعليم الدينيّ في مناسبة مثل هذه الظاهرة وخرجوا إلى باحة الكنيسة ورأوا جميعهم المنظر الغريب بالطريقة نفسها.

الذين وصفوا هذه المشاهدات المشتركة في أدقّ التفاصيل أشاروا إلى أنّ هذا البياض كان يشعّ أكثر من أيّ ضوء رأوه في حياتهم وزعم البعض حتّى بأنّه لم يكن لهذا الضوء أي علاقة بالضوء العادي. ومن بين محاورينا من شهدوا بأنّهم رأوا الظاهرة نفسها على صليب برج جرس الكنيسة. ووصف لنا رجل كبير في السنّ حادّ الذهن هذه الظاهرة على تلّة بودبردو فوق بياكوفيشي بشكل مفصّل.

كما شهد الناس عن ظاهرة على شكل شعلة كبيرة أثارت الخوف. ولكن سرعان ما تبيّن عدم وجود حريق.
ومن بين الشهود على تلك الظواهر المتكرّرة في مديوغوريه، التقينا أيضًا بعدّة كهنة. كهنة كبار في السنّ وشباب. وتطابقت شهادتهم بالفعل مع شهادات الأتباع الآخرين. إليكم ما قاله لنا كاهن يبلغ الستّين من العمر يتميّز بعمق أفكاره وتقييمه المنطقي لتلك الظواهر:
"كانت الساعة حوالى الخامسة من بعد ظهر يوم خميس. كنت برفقة زميلي ومجموعة من حوالى سبعين مؤمنًا. خرجت من الساكرستيا ونظرت باتجاه جبل الكريزيفاك: لا صليب! ولكن، ماذا؟! لقد فوجئت بذلك. وبينما كانت مفاجأتي لم تهدأ بعد، ظهر عمود أبيض. عدت إلى الساكرستيا والحماس يملأني وطلبت من راهبة المجيء لرؤية ما إذا كانت ترى الظاهرة نفسها. وقالت على الفور أنّها رأت وجه امرأة يشبه وجه العذراء. من ثمّ أسرعت إلى مكتب الرعيّة للاتصال بكهنة آخرين، ولكنّهم كانوا بالفعل خارجًا يشاهدون الحدث على تلّة كريزيفاك بعناية. وبعضهم أيضًا كان يستعمل مناظير. ثمّ أخذت مناظير شخص ما ونظرت صوب التلّة. وسرعان ما لاحظت وجه امرأة مصنوعة من الضوء. وكان الضوء ناصع البياض ورائع الجمال كما لم أر في حياتي من قبل. من ثمّ توجّهت إلى الكنيسة لدعوة المؤمنين الآخرين. ولكنّهم كانوا بالفعل في الخارج راكعين على المرج المبلّل بالمطر غارقين في صلاة حارّة. وبعد الصلاة، رنمّ المؤمنون عدّة تراتيل للعذراء وتبع ذلك الفرح العامّ والهتاف بصوت عالٍ. بين تلك المجموعة الفرحة من المؤمنين لاحظت وجود امرأة أعرفها من هامزياي. كانت تقول بصوت عالٍ: "شكرًا لك يا عذراء! هاءنذا هنا للمرّة الخامسة عشر. فليحصل لي ما تريدين، أشكرك لأنّني رأيتك الليلة!" من جهتي، عليّ أن أشير من جديد إلى أنّي لم أرَ سوى عمود أبيض من دون مناظير، ولكن مع المناظير رأيت وجه امرأة."

وحدثت ظاهرة أخرى، على ما يبدو لي، في يوم الثلاثاء ٢٧ تشرين الأوّل/أكتوبر. كان الطقس أفضل منه في المرّة الأولى فكان يوجد الكثير من الناس في الخارج. وحدث الأمر نفسه مجدّدًا: اختفى الصليب. ثمّ ظهر الصليب مجدّدًا، ولكن كيف؟ظهر مع قطعتيه العموديّة والعرضيّة مع وجه امراة أمام الصليب. ودام المشهد حوالى ١٥ دقيقة.

حدثت الظاهرة الثالثة مع علامة مميّزة في ٤ تشرين الثاني/نوفمبر عند الساعة الخامسة والربع من بعد الظهر. وقد شاهد ذلك ٣٠٠ شخص على الأقلّ. ولكن ظهرت هذه الظاهرة في مكان آخر. حوالى ٢٠٠ مترًا جنوب شرق كريزيفشي. وقد حدث الأمر على شكل شعلة موضوعة في نوع من الإطار. ما يشبه الباب وأحيانًا كان المنظر يصغر قليلاً من ثمّ يعود ويكبر.

إذًا، هذه كانت الظواهر الثلاث التي شهدنا عليها نحن الكهنة الخمسة." هذه مجرّد شهادات قليلة عن الظاهرة البيضاء المضيئة في مديوغوريه. لقد استمعنا إلى غيرها الكثير. علينا أن نقول هنا أنّ جميع الأشخاص الذين شهدوا على هذه الظواهر عرّفوا عن أنفسهم أمامنا بالاسم وبأنّ بعض الوصف للمناظر التي تمّت مشاهدتها كان موسّعًا أكثر بكثير مما سجّلناه هنا.

شهادات عن التحوّل الروحي

هكذا نكون قد قدّمنا تصاريح شهود العيان. ونترك الحكم على ذلك للعناية الإلهيّة، وتعاليم الكنيسة، وأيضًا لأولئك الذين يشعرون بالدعوة لتفسير هذه الظواهر والتصاريح وتوضيحها. وبصفتنا مؤمنين، فنحن مدركون بأنّ الإيمان لا يعيش من هذه الظواهر كما أنّه لا يموت من دونها. إنّ أساس وقوّة إيماننا يكمنان أساسًا في الإنجيل والحياة الإنجيليّة المثبتة مع أنّ بعض الآيات التي يرسلها الله بطريقة مميّزة يمكن أن توقظ الإيمان النائم.

ولكن، مباشرةً إلى جانب هذه الظواهر التي شهد عنها أفراد ومجموعات يوجد ما هو مقنع، وملموس، ومذهل أكثر من الظواهر نفسها التي نعتبرها مذهلة. وهي التحوّلات الروحيّة التي تحصل في النفوس البشريّة. وقد شهد على هذه التحوّلات المؤمنون أنفسهم الذين أعطوا شهاداتهم عن علامات البياض المضيء في رعيّة مديوغوريه. وهم شهدوا بواسطة الكلام والأمثلة لكي نتمكّن من إقناع أنفسنا بهذا كلّه أيضًا.

وهم قالوا بأنّ طقوس الكنيسة كانت من قبل طويلة جدًا بالنسبة إليهم حتّى وإن دامت لنصف ساعة فقط والآن لم تعد حتّى مدّة أربع ساعات طويلة بالنسبة إليهم. بالإضافة إلى ذلك، حدث مؤخّرًا أنّ الكاهن ألحّ على المؤمنين ليذهبوا إلى المنزل في المساء ولكن بقي كثيرون يصلّون. ولم يكن عليهم أن يثبتوا لنا ذلك لأنّنا رأينا بأعيننا أنّ هذا ما يحصل فعلاً.

كما قالوا لنا بأنّهم لم يعودوا يسمعون شتائم في منازلهم منذ أشهر كما إنّنا لم نسمع أيضًا مع أنّنا ذهبنا إلى أماكن لم يعرفنا فيها أحد.
وذكروا أسماء وأمثلة على مصالحة أولئك الذين كانوا قد بدأوا بإجراءات قضائيّة منذ زمن طويل، لهذا فما من سبب لعدم الوثوق بهذا الأمر أيضًا.
أشار الشباب والشيوخ إلى حياة الخطيئة التي كانوا يعيشونها في الماضي والتي غيّروها بشكل جذريّ. ويمكن للمرء أن يرى على وجوههم بأنّهم لا يدّعون ذلك.
البعض ذكروا مثالاً مؤثّرًا بشكل خاصّ يثبت التحوّل العميق للمؤمن. على سبيل المثال، في عيد الميلاد الماضي، كان أحد المواطنين يبكي بمرارة لأنّ أبناءه أصبحوا غير مبالين من الناحية الدينيّة لدرجة أنّهم لم يرغبوا حتّى بحضور قدّاس الميلاد. والآن هؤلاء الأولاد أنفسهم هم أمام المذبح في صلاة خشوع وتقوى صادقة كلّ يوم أحد وفي كلّ مساء.

يجب أن نشير أيضًا إلى أنّ مثل هذه الشهادات الواقعيّة حول التحوّلات الروحيّة الداخليّة لا تعود إلى مؤمني مديوغوريه فحسب بل إلى الكثير من الحجّاج في مديوغوريه من مناطق قريبة وبعيدة.
هذه التحوّلات الروحيّة، وهذا البياض والضوء الداخلي هي قيم ومثل عليا إنجيليّة يجب على كلّ مؤمن مسيحيّ أن يسعى إليها باستمرار. لماذا سُمّي المسيح نفسه الذي جاء لكي يفتدي العالم ويخلّصه، "نور العالم"!

نازا أوغنيستا، الحادي عشر، ١٠(٧٨)، دوفنو، كانون الأوّل/ديسمبر ١٩٨١، ص. ١٣- ١٤